ميكانيكية التغير في فئات أعمار السكان في ليبيا

الملخص

في هذا المقال تمت دراسة توزيعات السكان في ليبيا فيما يتعلق بالجنس والعمر، وذلك خلال سنوات التعداد السكاني العام ما بين سنة 1954م وحتى سنة ۱۹۷۳م، حيث كان الغرض من الدراسة هو تقصي وجود أي انماط ذات دلالة واضحة في أعمار السكان وربطها بالنماذج المشاهدة في أماكن مختلفة. ويلاحظ هنا أن البيانات المستخدمة في التحليل تعتبر غير دقيقة، إلا أنه لم تبذل أية محاولة لتصحيحها. لقد لوحظ تواجد زيادة مستمرة في نسبة الأطفال ممن هم تحت 15 سنة في الوقت الذي يصاحب ذلك نقص نسبة عدد السكان من ذوي فئات السن الأعلى. وقد إنعكس ذلك في الاتجاه المنخفض المتوسط أعمار السكان، الأمر الذي ينتج عنه زيادة في عدد السكان من ذوي فئات السن الصغيرة أكثر من أي وقت مضى. وهذا يشير إلى تحمل العناصر المنتجة في المجتمع لأعباء ومسئوليات كبيرة قد تفوق قدراتهم، الأمر الذي يترتب عليه تبعات ومشاكل إقتصادية واجتماعية كبيرة. وهناك تساؤلا قد يطرح حول معرفة ما إذا كان الاتجاه نحو صغر متوسط السن للسكان الليبيين بسبب تغير في معدلات الوفيات أم المواليد. إن معدل الوفيات في ليبيا خلال فترة الدراسة لم تزد كثيرا عن حدها - الادني في سنة 1954م. ومن جهة أخرى فإن معدل المواليد لم يشر إلى أي إتجاه نحو التناقص بل بقي على مستواه الأعلى لفترة طويلة مع إتجاه نحو التزايد. ولذلك فإن معدل المواليد يبقى هو العامل الأكثر تأثيرا في تحديد إتجاه وحجم فئات الأعمار المختلفة للسكان في ليبيا.
كما يلاحظ أيضا أن ثمة عامل ثالث له تأثيره في تشکیل ظاهرة توزيع الأعمار ألا وهو عامل الهجرة. وفي هذا المجال نلاحظ أن معظم المهاجرين إلى ليبيا والذين تزايدوا بإستمرار خاصة بعد إكتشاف النفط، هم من الذكور في سن العمل الأمر الذي ترتب عليه حدوث . تغييرات في تكوين فئات أعمار السكان في ليبيا، حيث ظهر هذا التأثير واضحا في عدد الأطفال نقص في نسبة والمسنين وزيادة نسبة عدد السكان من ذوي فئات السن المتوسطة. والنتيجة هي زيادة من هم في سن العمل من السكان، وبذلك قل العبء الذي كان ملقى على عاتق القطاع المنتج من السكان. وهذه ملاحظة جديرة بالاهتمام تبين مدى تأثير عامل الهجرة في تكوين فئات السن المختلفة للسكان، وارتباط ذلك بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. وأخيرا يجب الانتباه إلى أن أي تحسن ممكن في جودة البيانات في التعدادات السكانية الأخيرة، خاصة المتعلق فيها بمستويات الأعمار سيكون له أعمق الأثر في دراسة أنماط وإتجاهات فئات الأعمار في ليبيا.