مشاغل التوطين والتنمية المستدامة بين وهم شراء التكنولوجيا وتكنولوجيا بيع الوهم

الملخص

إذا ما وجد الإنسان - في تجاربه وكدحه اليومي للبقاء - أن مجموعة من استجاباته المتغيرات بيئته قد ثبتت نجاعتها لأغراض البقاء عموما، أو ثبتت فائدتها في تحقيق وفر في طاقته البدنية أو طاقته الذهنية؛ فإنه يثبت تلك الاستجابات في مظروف سلوكي واحد، فيعتمده ويحوله إلى (عادة). تلك إذا هي بداية (تكنيك داخلی) أو هي (التقنية الداخلية لتوفير الجهد) وهي نوع من الله " Firmware " أو نوع من "Default " يؤمن استجابة افتراضية لا تستنفد وقتا يذكر. أما الآلة التي يصنعها الإنسان منفصلة عنه، فلعله يصح تسميتها (التقنية الخارجية لتوفير الجهد). فالآلات التي هي وسيلة الإنسان لتحقيق وفر في الجهد العضلي؛ ليست في حقيقة الأمر شيئا خارجيا منفصلا عن داخل الإنسان، بل هي امتداد خارجي لاستجاباته لبيئته، أي أنها مظهر وانعكاس عتادي لثقافته.

ما تفعله البرمجيات والحواسب اليوم، هو تنميط مساحة كبيرة من عمليات الجهد الذهني، وهي تخترع امتدادا خارجيا لأذهاننا، كما الآلة التي هي امتداد خارجي للعضلات. أي أن التكنولوجيا منتج ثقافي حضاري، وبالتالي لن يتيسر لصقه أو تركيبه وزرعه في رؤوس ذات ذهنية ثقافية مغايرة. فالأعضاء المزروعة تلقي مقاومة ضارية من قبل جهاز المناعة الطبيعی، أما لغة الزراعة فتأخذ بنهج التوطين وليس النقل والشراء، فتستنبط السلالات والأجناس الملائمة للبيئة، وتستنبتها وترعاها، فتورق وتثمر وتزدهر.

تناقش هذه الورقة مجموعة من المفاهيم، مثل اقتصاد المعرفة، ومنظمات المعرفة وإدارة وعمالة المعرفة، ورأس المال البشري، إضافة إلى طبيعة المجتمع المعرفي ومنظمات التعلم، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة الذهنية، التي تقود في المحصلة الأخيرة الي تحسين وتطوير القدرة التنافسية للمنظمات من منظورها الأساسي المتمثل في الاستثمار في مجال إدارة المعرفة، باعتبارها الرافد الأساسي الذي يصب باتجاه التحول والتغيير إلى الأفضل. وتوصلت إلى مجموعة من الدلالات والمضامين تعكس أهمية العمل على اكتشاف أدوات التنمية المستدامة وتفعيلها على أوسع نطاق.