الاستشراف والرؤية المستقبلية " الماهية والأهمية "

الملخص

لاشك أن العالم من حولنا في تغير مستمر و متسارع، تغير أسى في وتيرته، كلباني في تنوعه، الأمر الذي جعلنا نقول أن زماننا هذا يتسم بكونه عصر التغيرات الكبرى والمتعددة ، وربما نمتلك الآن تفسيرا جزئيا لهذا التحول العظيم الذي نشعر به اليوم، رغم أننا لا نعرف إلى ماذا نحن متحولون !؟

لقد أصبح من شبه المستحيل أن نكون قادرين على التكيف مع هذا التغير بشكل طبيعي، ما لم نبذل الجهد الكافي الدؤوب لفهم هذا التغير في المحل الأول ، وهذا يتطلب منا اكتساب المهارات والآليات المتعددة والمتنوعة، لنستطيع الإعداد لما يمكن أن نتوقعه في المستقبل من أخطار، بهدف التخفيف من وطأة المعاناة التي تتسبب بواسطتها، ومن فرص لنحسن إمكانات الإمساك بها والاستفادة منها. إنه حقا فن الاستشراف الذي يعني تبني صورة مستقبلية ، وكيفية التحرك بنوع من الذكاء لتحقيق الهدف المنشود ، إنه الاستشراف الذي هو أداتنا للتعامل مع المأزق، أكثر من كوننا قادرين على تفادي ذلك المأزق.

إن استشراف المستقبل يؤهلنا لتوقع العديد من المخاطر والفرص التي ستواجهنا، ويعطينا الوقت لنقرر الذي يتوجب علينا عمله قبل أن نصطدم بهذه المخاطر والفرص، علاوة على بلورة أهداف طويلة الأجل، ذات قيمة وقابلية للتحقيق، ناهيك عن صياغة الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق تلك الأهداف، وبذا، يسهم بالإشراف في صنع المستقبل، حيث يظهر في نمذجة قوى المجتمع كمتغيرات. إن الاستشراف ليس تكهنا بالمستقبل ولكن تحسينه، وتطوير مهاراتنا الاستشرافية سيصقل قدرتنا على تقييم الاحتمالات، وتوقع التداعيات، واختيار المسارات الأكثر حكمة لأعمالنا، بما يقودنا إلى أفضل مستقبل ممكن ، وهذا ما استهدفته هذه الورقة العلمية من خلال التعريف بطبيعة الاستشراف، وماهيته، وأهدافه، وفوائده، بما يؤمن استعدادنا للتطلع إلى الأمام.