سياسة المشروع الجنائي الليبي في مكافحة ظاهرة الفساد

المؤلفون

  • سعد حماد القبائلي

DOI:

https://doi.org/10.37376/jols.vi24.1006

الكلمات المفتاحية:

سياسة المشروع الجنائي الليبي في مكافحة ظاهرة الفساد

الملخص

الفساد([1]) ظاهرة قديمة قدم الإنسانية، وللإنسان ـ للأسف ـ أكبر نصيب فيها، قال تعالى في كتابه الكريم: ]ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{([2])، وقال سبحانه وتعالى: ] وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ{([3])، وقال تعالي: ]وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا{([4])، وقال سبحانه وتعالى: ]وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{([5]).

ولقد أصبح الفساد بكل أشكاله (الإداري والمالي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي) مشكلة تنغص مضاجع المجتمعات قاطبة، مما أدى بالمنظمات الإقليمية والدولية إلى إقرار الاتفاقيات المناهضة له، لعل أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حيز النفاذ في منتصف شهر ديسمبر لسنة 2005م([6])، كما أدى هذا الأمر إلى تضافر الجهود الدولية والإقليمية في العقدين الماضيين من أجل محاربته، وشكلت التشريعات القانونية رأس الحربة في هذا الشأن، فتم إقرار الكثير من الاتفاقيات الدولية، والتشريعات الوطنية حول العالم([7]).

غير أن منظمة الشفافية الدولية المعنية بمكافحة الفساد أصدرت تقريراً في عام 2011م عن الفساد في العالم العربي عن الفترة من 2007 ـ 2011م كان مخيباً لكل الآمال، حيث كشف فيه أنه، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لمحاربة الفساد، إلا أنه في تنام مستمر، على عكس ما كان متوقعاً بانحساره، خاصة وأن العقد الأول من القرن الحادي والعشرين شهد اهتماماً غير مسبوق بمحاربة الفساد، ففيه شهدت أغلب البلدان العربية ولادة الهيئات واللجان المعنية بمكافحة الفساد، وفيه صدر عدد كبير من الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، غير أن النتائج جاءت على غير المأمول([8]).

وقد عزا بعض الباحثين ظاهرة تنامى الفساد إلى تضافر مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية والتشريعية والاجتماعية والأخلاقية([9]).

وبالنسبة لليبيا فإنه وفقاً لتقرير منظمة الشفافية العالمية لسنة 2017م، الذي يبين مكانة ليبيا من حيث ترتيبها بين الدول في الفساد، حسب ما جاءت به منظمة الشافية، فإنه من المؤسف أن نجد ليبيا في الترتيب السلبي مائة وواحد وسبعون، كما تبين من هذا التقرير زيادة الفساد في ليبيا منذ سنة 2009م إلى غاية عام 2015م، وهذا ما أكده ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية([10])، وتعزى زيادة الفساد في ليبيا إلى عدة أسباب، أهمها الجانب السياسي، المتمثل في عدم استقرار الدولة، وانعكاساته على الجانب الإداري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي([11]).

وعلى الرغم من أن ظاهرة الفساد، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، أو حتى المحلي، لا يمكن مواجهتها إلا بمنظومة متكاملة سياسية وتشريعية واقتصادية واجتماعية، بل وأخلاقية([12])، فإننا سنقصر دراستنا على سياسة المشرع الجنائي الليبي في مكافحة هذه الظاهرة تجريماً وعقاباً، باعتبارها تعد عائقاً أساسياً أمام التنمية المستدامة في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والمؤسسية، وذلك من خلال تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين اثنين، الأول نخصصه لدراسة سياسة المشرع الليبي في تجريم الفساد، والثاني نفرده لمعالجة سياسة المشرع الليبي في العقاب على الفساد.

 .

 

 

([1]- المقصود بالفساد حسب تعريف منظمة الشفافية الدولية هو "كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لمصلحة خاصة، أي يستعمل المسؤول منصبه من أجل تحقيق منفعة شخصية ذاتية لنفسه أو لجماعته ". هذا ما جاء في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2007 م، والصادر عن هذه المنظمة، بيد أن هناك تعريفات متعددة للفساد، اختلفت باختلاف المعرفين والخلفية التي ينطلقون منها، وبالتالي تبرز أمامنا مصطلحات متعددة للفساد، كالفساد الإداري والمالي والسياسي والاجتماعي، ولكل مدلوله. 

-([2]) سورة الروم: الآية 41.

([3])- سورة البقرة: الآية 205.

([4])- سورة الأعراف: الآية 56.

([5])- سورة البقرة: الآية 30.

([6])- خليفة سالم الجهمي: دور القضاء في مكافحة الفساد، بنغازي 8/12/2012 م. https://khalifasalem.wordpress.com

([7])- زورو  زوليخة: ص 5.

([8])- فهد بن محمد الغنام: ص 10.

[9])- إياد هارون محمد: ص1740. إسماعيل البديري: الفساد الإداري والاقتصادي (أسبابه، آثاره، علاجه) مداخلة مقدمة في المؤتمر القانوني للفساد بجامعة كربلاء ـ العراق، عام 2000 م.

- ([10])هيئة الرقابة الإدارية: التقرير السنوي لعام 2015 م، ص 214 ـ 215 .

-([11])أبو العيد محمد سالم: الفساد في ليبيا ودور الأجهزة الرقابية.  http://www.akhbarlibya.net/articles/28844.html

([12])- بن الصديق رشيد: ص 28 وما بعدها.

التنزيلات

بيانات التنزيل غير متوفرة بعد.

التنزيلات

منشور

2019-06-01

كيفية الاقتباس

حماد القبائلي س. . (2019). سياسة المشروع الجنائي الليبي في مكافحة ظاهرة الفساد . مجلة دراسات قانونية, (24). https://doi.org/10.37376/jols.vi24.1006

إصدار

القسم

Articles