تعليق تنفيذ الحكم علی شرط القانونين الليبي والمصري

الملخص

 يعتبر نظام وقف التنفيذ من الموضوعات ذات الأهمية البالغة في القانون الجنائي ، فهو من أهم أنظمة تفريد العقاب التي ظهرت في مجال هذا القانون تجاوبا مع الأفكار العلمية التي نادت بمعاملة المجرمين وفقا لشخصياتهم وظروفهم ، بعد أن كشفت عن الاختلاف الكبير بين أسباب الجريمة ، والتنوع الهائل في شخصيات المجرمين وظروفهم ، مما يستتبع بالتالي اختلاف في المعاملة العقابية التي يستحقها كل منهم ، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تأهيلهم وتحول دون عودتهم إلى الاجرام . يشهد بأهمية ذلك النظام وفائدته ذلك الانتشار الواسع الذي حققه بحيث لا يكاد يخلو تشریع - في النظام اللاتيني على الأقل - من الأخذ به. واذا علم أن وقف التنفيذ انما ظهر لتجنيب المضار التي تسببها عقوبات سلب الحرية ذات المدة القصيرة، وأن هذه العقوبات أصبحت تشكل نسبة عالية جدا من مجموع الأحكام التي يصدرها القضاء  لتبين في وضوح أهمية هذا النظام والحاجة إلى دراسته و بیان تنظيمه وأحكامه .

و يعتبر وقف التنفيذ نظام حديثة نسبية ، إذ ظهر في فرنسا لأول مرة عام ۱۸۹۱ بمشروع قانون بير انجيه ، وسبق أن أخذ به القانون البلجيكي الصادر سنة ۱۸۸۸ . وقد عرف هذا النظام في مصر لأول مرة عند صدور قانون العقوبات سنة 1904 ، وأخذ به المشرع الليبي في قانون العقوبات الصادر عام 1953 . وستكون الأحكام التي قررها هذان التشريعان في هذا الخصوص موضوع الدراسة المقبلة . على أن يتعين قبل أن نعرض لهذه الأحكام و تفصيلاتها أن نعطي لمحة تاريخية سريعة نوضح فيها مولد هذا النظام ، ثم نتبين ماهيته و أساسه وموضعه في السياسة العقابية الحديثة ، ثم نختم البحث ملخص للافكار التي عرضناها خلال البحث كله . وهكذا فاننا سنقسم البحث إلى ثلاثة أبواب :

الباب الأول : وتخصصه لمولد نظام وقف التنفيذ.

الباب الثاني : وتخصصه لتعريف نظام وقف التنفيذ وأساسه القانوني .

الباب الثالث : ونخصصه لاحكام وقف التنفيذ في التشريعين الليبي والمصري . وحتى لا تقع في التكرار الممل فاننا سوف لا نعى بتفصيل ما هو موضوع اتفاق بين التشريعين مع التركيز على أوجه الاختلاف بينهما .