نظرة في محاولات إعادة التوازن في النضام الإجرئي الجنائي
DOI:
https://doi.org/10.37376/jols.vi21.940الكلمات المفتاحية:
نظرة في محاولات إعادة التوازن في النضام الإجرئي الجنائيالملخص
النصوص الإجرائية لا تنفصل -غالبا- عن النصوص الموضوعية، فوسيلة وضع النصوص الموضوعية موضوع التطبيق هي النصوص الإجرائية، حيث أن الأولى لا تتحول من حالة السكون إلى حالة الحركة إلا عن طريق الثانية، ومن ثم فإن تقييم أي قانون جنائي لا يكون إلا بدراسة تصميمه موضوعيا واجرائيا، وبيان مدى التزامه بالمعايير الدولية للحقوق والحريات، لا يتأتى إلا بعد دراسة النظام دراسة متكاملة موضوعيا واجرائيا، وقياس مدى فاعلية النظام الجنائي ومقدرته على تحقيق وظائفه، لا يكون إلا بالجمع بين نتيجة النظر في الشقين الموضوعي والإجرائي. فالتلازم في البناء بينهما قائم، والارتباط بينهما في الفاعلية قول لا اعتراض عليه. دون أن يمنع ذلك من القول أن السرعة والوضوح والفاعلية والحماية لحقوق وحريات الأبرياء عن الانفاذ تقاس ابتداء، وعلى نحو بين، من خلال النظام الإجرائي، وأن انتهاك لوازم الأمن القانوني قد تكون أشد وضوحا وأوسع انتشارا نتيجة للخلل في النص الإجرائي من الخلل في النص الموضوعي، لأنه من المؤكد أن من يخضعون لإعمال النص الإجرائي أكثر ممن يخضعون لإعمال النص الموضوعي، فعدد المتهمين –في المجمل- أكثر من عدد المحكوم عليهم، كما أن البحث في وظيفة النص الموضوعي قد تستدعى البحث في ما وضع من نظام اجرائي لإنفاذه، فوظيفة العقوبة قد لا تقف فقط خلف صياغة النص في قانون العقوبات، بل إنها قد تقف خلف بناء نظام إجرائي خاص لإعماله، ومثال ذلك ما كان من اللازم تبني عدد من النصوص الإجرائية الخاصة عند وضع تشريعات الحدود ونظام القصاص والدية([1]). ومن ذلك أيضا أن النص الإجرائي الذي هو أداة تفعيل النص الموضوعي، قد يستعمل أيضا للحد من فاعلية النص العقابي، أو لتضييق نطاق اعماله، أو لتحويله إلى مجرد نص احتياطي، لا يستعمل إلا بعد عجز الوسائل البديلة في انهاء الإجراءات الجنائية المترتبة على انتهاك النص العقابي، كما هي الحال في تقييد تحريك ورفع الدعوى الجنائية على طلب في بعض الجرائم ذات الطبيعة الاقتصادية أو المالية، وفي كون التصالح أحد أسباب انقضاء الدعوى بشأنها([2]).
ومن الأسس التي ينطلق منها التفكير لتصميم أو تعديل القاعدة الجنائية، موضوعية كانت أو إجرائية، هو التوازن بين المصلحتين العامة والخاصة، وهو أساس يقوم عليه النظر في كل قاعدة على حدة، وينطلق منه النظر في التكاملية بين القاعدتين، فالخلل في التوازن بين المصلحتين قد يكون نتيجة لاختلال التوازن بين التجريم والعقاب في النص العقابي لوحده، أو نتيجة لخلل يدرك من مقاربة النص العقابي مع غيره من النصوص العقابية، أو عند دراسة النص العقابي، وما وضع من نظام إجرائي لإعماله.
هذه المقاربة بين المصلحتين العامة والخاصة هي الأساس الذي ينطلق منها البناء للنظام العقابي والإجرائي، وهي التي ينطلق منها أيضا الإصلاح. فبهدف احداث تطوير النظام الإجرائي الجنائي قامت العديد من الدراسات الفقهية والتجارب التشريعية الحديثة على إعادة بناء التوازن بين المصلحتين، إما انطلاقا من وجوب ضمان فاعلية وسرعة انفاذ القانون، وهما مسألتان يرتبط بهما الردع العام كوظيفة للنصوص العقابية، وإما انطلاقا من وجوب ضمان فاعلية أوضح للحقوق والحريات في مواجهة إجراءات تغلب فيها مصلحة الدولة صاحبة السلطة الإجرائية. وهي في ذلك تعتمد عدة آليات منها: التناسب الإجرائي، وادخال التعويض في النظام الإجرائي الجنائي، وتبنى تصورات من شأنها أن تؤدي إلى سرعة التحقيق والمحاكمة.
[1]- انظر على سبيل المثال: الهادي على بو حمرة، قراءة في أدلة اثبات جريمة الزنى الحدية، مجلة إدارة القضايا، ع6، س3، ديسمبر 2004م، ص 79 وما بعدها. الهادي على بو حمرة، نظرة في الدعوى الجنائية من خلال وظائفها، مجلة البحوث القانونية، كلية القانون جامعة مصراتة، س1،ع1، ص168 وما بعدها.
[2]- انظر على سبيل المثال، عبدالفتاح مصطفي الصيفي، حق الدولة في العقاب، جامعة الاسكندرية، 1985، ط2، ص379 وما بعدها.
التنزيلات

التنزيلات
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2021 مجلة دراسات قانونية

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.