التلوث البيئي أم الفساد في الأرض نظرات في المصطلح

المؤلفون

  • سعد خليفة العبار

DOI:

https://doi.org/10.37376/jols.vi21.942

الكلمات المفتاحية:

التلوث البيئي أم الفساد في الأرض نظرات في المصطلح

الملخص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه الكرام الأطهار الطيبين ومن تبعهم بإحسان وسار على دربهم إلى يوم البعث والحساب، وبعد:
فلاشك أن التلوث البيئي من أكثر المشكلات في عصرنا أثرا وخطرا، فآثاره السيئة عمت الكون بشرقه وغربه، من أمراض مزمنة فتاكة، وتغير مناخي، وتصحر، وجفاف أنهار، وملوحة مياه، وارتفاع في درجة حرارة الأرض، واختلال في توازن عناصر الكون، وذوبان للجليد في القطب الشمالي، وانقراض أصناف من الكائنات الحية من حيوان ونبات وطيور وحشرات وأسماك، وتهديد لمدن آهلة بملايين السكان بالغرق، وشح في المياه الصالحة للشرب وللزراعة، فالغابات مساحتها تقلصت، وطبقة الأوزون ثُقبت، والموارد الطبيعية والغذائية شحت أو فسدت، والمراعي أبيدت، والنفايات سممت البحار والأنهار، وأدخنة المصانع لوثت الهواء، وجسد الإنسان نفسه تلوث بالعقاقير المسكنة والكيماويات المخصبة للتربة، وصار التلوث البيئي مشكلة مهددة للأمن القومي، لتعلقه ليس فقط بحاضرنا بل بمستقبل الأجيال القادمة، كونه لا يشكل فقط تهديدا لبقاء الموارد وديمومتها بل أيضا لقدرتها على التجدد لصالح الأجيال القادمة([1])، وأصبح الدفاع عن البيئة وحمايتها من الفساد ليس مجرد دفاع عن الصحة وموارد العيش بل دفاع عن الحياة ذاتها، لأن التلوث لا يعرف حدودا، فما يحدث من فساد على النطاق المحلي تسري آثاره غالبا إلى النطاق الدولي([2])، فالغلاف الجوي متصل والبحار مفتوحة، والجميع عرضة للتلوث في كل عصر ومصر، بل إن التلوث النووي يهدد بهلاك ملايين البشر وإتلاف البيئة لعشرات قرون قادمة، فكأنه صار وريث المجاعات والأوبئة التي كانت تفتك بالبشر في الأزمنة الغابرة.
وتزداد المشكلة البيئية في بلادنا أهمية لأسباب عدة، منها تعاظم خطرها واستفحال ضررها، وفي المقابل ضعف -أو بالأحرى- عدم فاعلية وسائل الحماية منها، لدرجة استهتار واستهانة البعض بها، وعدم إدراك البعض جدواها، وتدني اهتمام أدوات التأثير في المجتمع وتوجيه الرأي العام فيه من وسائل إعلام ومؤسسات تعليمية وتربوية بها، حتى صارت بعض صور الإفساد في الأرض عادات موروثة وتصرفات للناس مألوفة، مقبولة اجتماعيا وغير منهي عنها في نظر البعض شرعيا، يضاف لهذا اتساع رقعة البلاد، وتوالي وتسارع التحولات الاقتصادية والسياسية وما واكب ذلك من انعكاسات على البيئة النباتية والحيوانية، وبالتالي على الإنسان نفسه، وما يحيط به من أرض وماء وهواء.
ولعل التصحر وما ترتب عليه من هجرة سكان الأرياف إلى مدن الساحل، وتفشي خطر كثير من الأمراض الفتاكة أكبر دليل على عمق واستفحال أثر المشكلة البيئية في بلادنا، وفي كل دول العالم([3])، فبعد أن كانت البيئة مصدرا للراحة والعيش الهنيء صارت مصدرا للأوبئة والأمراض، وتعاظم خطر التلوث لدرجة أصبح معها مهددا للبشرية في صميم وجودها، وصار ينذر بما يشبه انتحارا جماعيا وشيكا، وفي المقابل تعاظُم الاهتمام الدولي والإقليمي بهذا الخطر يوجب أن يكون للعلم الشرعي وأهله حضور وكلمة للتنبيه على هذا الخطر، والتحذير من أسبابه، وإبراز سبل الحماية منه والدرء له.
وفي هذه البحث سنلقي جانبا من الضوء على بعض ملامح التلوث البيئي عبر رؤية شرعية، لا تنظر إلى أهمية المشكلة وخطورتها من خلال نصوص جزئية تناثرت هنا وهناك في الأبواب الفقهية، بل عبر نظرة اجمالية، تجمع شتات النصوص وتنظُمها في إطار عام، كون المشكلة تمس النظام الإسلامي في جوهره، لأن حفظ البيئة من التلوث ومنع  الفساد فيها هو أحد المقاصد الشرعية التي يقوم عليها حفظ نظام الكون في مجمله، وتهدف الشريعة إلى مراعاته بنصوصها وقواعدها وكلياتها.
وسننطلق في بيان ذلك عبر ضبط المصطلحات المتعلقة بالموضوع كونه أوضح صور الفساد في الكون، المشار إليها في قوله جل وعلا: }ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ

التنزيلات

بيانات التنزيل غير متوفرة بعد.

التنزيلات

منشور

2018-10-01

كيفية الاقتباس

خليفة العبار . . س. . (2018). التلوث البيئي أم الفساد في الأرض نظرات في المصطلح. مجلة دراسات قانونية, (21). https://doi.org/10.37376/jols.vi21.942

إصدار

القسم

Articles