التطور الدلالي في كلمة حية

الملخص

في تطور الدلالة قد يتعمد الناطقون إحداث تطور دلالي في اللفظ، وقد يطرأ هذا التطور دون تعمد، وله أسباب متعددة، وكلمة حية من الكلمات العربية التي اختلفت دلالتها في الاستعمال؛ وارتبطت بكلمة العصا في القرآن الكريم، وهي عصا سيدنا موسى عليه السلام، ويستأنسن في بيان دلالتها بالتأمل في تفسير الآيات التي وردت فيها هذه المعجزة؛ لأن المفردات في العربية مرت عبر تاريخها بأحداث وظواهر أكسبتها دلالات مختلفة، فجاءت في القرآن الكريم بدلالات تفهم من السياق الواردة فيه. وكلمة حية صفة مشبهة، أطلقت على جنس من الحيوان، واستعملت في كلام العرب استعمالاً مجازياً فعبرت عن القوة والشجاعة والظلم والذكاء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن قارئ القرآن الكريم يدرك وجود تعدد ألفاظ دالة على مدلول واحد، لاسيما إذا تكرر ذكر المدلول في أكثر من موضع من السور القرآنية، من ذلك يوم القيامة، فهو الآزفة، والحاقة، والساعة، والصاخة، والطامة الكبرى، والغاشية، والقارعة، والواقعة، واليوم الآخر، ويوم البعث، ويوم التغابن، ويوم التلاقي، ويوم التنادي، ويوم الجمع، ويوم الحساب، ويوم الحسرة، ويوم الخروج، ويوم الخلود، ويوم الدين، ويوم الفتح، ويوم الفصل، واليوم الموعود، ويوم الوعيد، وكل لفظ من هذه الألفاظ - مع دلالته على يوم القيامة - يتناسب مع السياق العام الذي ورد فيه. ولعل هذا من باب الترادف؛ ولكن قد تأتي اللفظة دالة على مدلول، ثم يتغير مدلولها، وتصير دالة على مدلول آخر مغاير للمدلول الأول، وهذا التغير الذي يطرأ على مدلول اللفظة يسمى التطور الدلالي، وهو تغير في معنى اللفظة؛ من ذلك على سبيل المثال العتب دال على "كل مكان ناب بنازله ومنه قيل للمرقاۃ ولأسكفة الباب عتبة، و كني بها عن المرأة (الزوجة) فيما روى أن إبراهيم - عليه السلام - قال لإمرأة إسماعيل: قولي لزوجك غير عتبة بابك. واستعير العتب والمعتبة لغلظة يجدها الإنسان في نفسه على غيره.... وقولهم: أعتبت فلانا أي أبرزت له الغلظة التي وجدت له في الصدر "(1) ... وهنا يلاحظ التطور في دلالة مادة ع ت ب من دالة على مدلول محسوس، وهو عتبة الباب، إلى دالة على حقيقة ذهنية لا تدرك بالحواس، وهي الغلظة في الصدر.