نمو السكان في مصراته
DOI:
https://doi.org/10.37376/jofoa.vi9.2959الملخص
تعتبر مدينة مصراته من أقدم المدن الليبية ، فتاريخها عريق تمتد جذوره الى العهد الروماني ، حيث ورد في بعض المراجع التاريخية القديمة، ذكر ميناء ثوباستیس Tupactis ، وذكر ما يتمتع به في ذلك الوقت من نشاط تجاري متبادل مع بعض الموانئ الأخرى على ساحل البحر المتوسط ، كان ذلك الميناء يمثل مركزا من مراكز التبادل التجاري على ساحل الشمال الإفريقي التي تعتمد في نشاطها التجاري على تصدير السلع الواردة من وسط القارة الأفريقية وشمالها الى موانئ البحر المتوسط . ويبدو أن ذلك الميناء اضمحل نشاطه كثيرا في العصور اللاحقة ، حيث لا نجد له ذكرا خلال الفترة التي افتتح فيها المسلمون هذه البلاد ، و اندثر اسم ثوباستیس نهائيا ليظهر في تلك المنطقة تجمع سكاني جديد على شكل مدينة تجارية أيضا لعبت دورا نشطا في التجارة مع داخل القارة الافريقية ومع بعض موانئ البحر المتوسط خاصة ميناء البندقية التي كانت تستورد منها كميات كبيرة من الزيت والصوف ، وتصدر اليها الادوات الزجاجية والاسلحة والاقمشة وغيرها من الأدوات المصنعة . آن نواة مدينة مصراته الحالية يرجع تاريخها إلى تلك الحقبة من العصور الوسطى ، وكانت مدينة مصراته القديمة تضم تجمعا سكانيا هاما منذ ذلك التاريخ ولعبت دورا واضحا في احداث ذلك العصر الاقتصادية والسياسية والثقافية، وحتى عندما أضمحلت تجارة القوافل مع دواخل أفريقيا، وتدهورت التجارة البحرية مع موانئ البحر المتوسط بسبب نشاط القرصنة والحروب البحرية ، لم تندثر المدينة نهائيا بل استمرت حيويتها كمركز للتبادل التجاري الداخلي بين شرق ليبيا وغربها ، وكانت تمثل كذلك محطة هامة تقصدها قوافل الحجاج في ذهابها وعودتها بين مناطق الشمال الإفريقي والحجاز
ان هذا القدر من النشاط التجاري و بعض النشاط الزراعي الذي نما حول تلك المدينة لم يمكنها من تحقيق نمو كبير يمكنها من استيعاب أعداد كبيرة من السكان ، ولكنه مكنها على الأقل من الاحتفاظ لنفسها بمكانة لا بأس بها بين التجمعات السكانية الهامة في شمال ليبيا . وقد عرفت خلال تلك الفترة من تاريخها وخلال الاحقاب التاريخية اللاحقة لها بأنها مصدر لتوزيع المهاجرين الى كثير من مناطق ليبيا ، خاصة المناطق الشرقية ، فقد مهر سكانها في الأعمال التجارية التي توارثوها خلال تاريخهم التجاري العريق ، واشتهروا بين سكان المدن الليبية كافة بحبهم للمغامرة في هذا الميدان ، الشيء الذي حفزهم الى النزوح من مصراته والهجرة الى المدن الليبية الأخرى حيث كان لهم نصيب وافر في تنشيط الحركة التجارية في طرابلس وسبها و بنغازي و البيضاء وطبرق وغيرها . هذه الهجرة يمكن اعتبارها أحد العوامل التي أدت الى الانخفاض النسبي في النمو السكاني بمنطقة مصراته خلال فترة طويلة تمتد من العصر العثماني الاول وحتى منتصف القرن العشرين ولا زالت هذه الظاهرة موجودة حتى الآن وان لم تكن بنفس الحدة والقوة التي كانت عليها سابقا . تحتل منطقة مصراته - حسب الحدود الادارية للبلدية - الطرف الشمالي الغربي من ساحل خلیج سرت وتتوغل في المنطقة شبه الجافة حتى وادي الكسامين الواقع في الطرف الشمالي المنخفض الجفرة ، وتتميز بسطح منبسط في أغلبه تتخلله بعض التلال قليلة الارتفاع و بعض مجاري الوديان الجافة ، وتغلب عليه التربة الرملية باستثناء بعض المنخفضات التي تغطيها السبخات في الجهة الشرقية بين تاورغاء وقصر احمد ، وكذلك بعض المناطق التي تظهر فيها طبقات الصخور الجيرية على السطح وهي مساحات محدودة و متفرقة ، ويغلب على المنطقة المناخ شبه الصحراوي فيما عدا الجزء الشمالي منها - والذي تقع فيه مصراته نفسها فانه يتأثر بمناخ البحر المتوسط حيث تهطل الأمطار الشتوية بمعدل متوسطة 200 مم سنويا الشكل (1).
التنزيلات

التنزيلات
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2022 مجلة كلية الاداب

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.