الحياة العقلية عند الانسان جانبها الفلسجي ومستلزماتها الاجتماعية

Abstract

يعتبر تاریخ علم النفس ، في جوهره ، تاريخ الصراع الفكري المرير الذي نشب بين النزعتين المتنافرتين : النزعة الفلسفية المثالية التي وضع افلاطون ر۲۸ 4 - ۳۶۷ ق. م.) جذورها التاريخية والنزعة الفسلجية التي تعود أصولها إلى بقراط ( 460 - ۳۷۷ ق. م) من جهة وبين الاتجاهات المتعددة التي تقع ضمن اطار كل من هاتين النزعتين من جهة اخرى . ولا شك في أن قضية البحث في طبيعة العقل عند الانسان والصلة بينه وبين الجسم أو بين الظواهر السايكولوجية ( الحياة العقلية ) وبين الظواهر الفسلجية وتحديد الفرق الرئيس بين الانسان والحيوانات العليا لا سما القريبة منه في سلم التطور البايولوجي من ناحية النشوء والارتقاء وقضية الاختلافات الفكرية والثقافية الموجودة بين الأجناس البشرية المعاصرة وبين افراد الجنس الواحد والمجتمع الواحد كلها من القضايا الكبرى في الوقت الحاضر من الناحية العلمية النظرية المحضة ومن الناحية الاجتماعية الثقافية . 

۱۸۳ يتلخص جوهر النزعة المثالية في ع لم النفس في أنها تعتبر العقل ، الذي هو موضوع علم النفس ، «کیانا ، قائما في حد ذاته مستقلا عن الجسم ومختلفة عنه في طبيعته ووظيفته . معنى هذا أنها تغفل دور الجهاز العصبي المركزي لا سيما الدماغ في نشوء الحياة العقلية وفي تطورها . کا تغفل أيضا دور الظروف المعاشية والعلاقات الاجتماعية في نشوء الادراك وتطوره . ولا هم إلا عرضة وبشكل عابر بالدور الذي يلعبه اختلاف ظروف العيش التي يتعرض لها المجتمع الواحد في مراحل تاريخه المتلاحقة والمجتمعات المختلفة أيضا باعتبارها العوامل التي تؤدي إلى اختلاف اشكال العلاقات الاجتماعية والمستويات الفكرية التي نشاهدها بين المجتمعات وداخل ك ل منها . أي أن هذه النزعة تفسر الحياة العقلية بأسرها تفسرة نابعا من خارجها ولا تنظر الى الادراك من حيث هو انعكاس نشط للعالم الخارجي في ذهن الانسان . وهذا يعني ، بعبارة أخرى ، أن النمو العقلي لدى النوع الانساني وعند الفرد هو ، بنظر أصحاب هذه النزعة ، تفتح" أو انفتاح ذاتي القدرات عقلية فطرية موجودة سلفا لا دخل للظروف البيئية فيها إلا من حيث كون هذه الظروف هي الوسط أو المجال الذي تحدث فيه ذلك الانفتاح .