الدين والعقل
DOI:
https://doi.org/10.37376/jofoa.vi11.3072Abstract
الدين والعقل
للدكتور رجب بودبوس
قسم علم التفسير
الدين والعقل
للدكتور رجب بودبوس
ان المتأمل في الدين والعقل يبدو له أن هناك تعارضا جذريا بينهما : فالعقل محدود ، منطقي لا يستطيع تعقثل التناقض ، لا يستطيع تعقل الا الحس والذي يمكن ادراکه بأدوات الحس المختلفة ، فالعقل في النهاية ليس الا خلاصة أدوات الحس والرابط بينها ، وبدون هذه المنافذ لا يعقل العقل شيئا .
بينما يقوم الدين على مفارقات : الله الذي لا يدرك ولا يحد بزمان ولا مكان ، ومع ذلك يجب الايمان به ، كيف تؤمن بما لا نستطيع ادراكه ؟ ولكي نؤمن بما لا نستطيع ادراکه کانت الرسالات السماوية والرسل ، ولكن هذه بدورها تطرح على العقل مشکلات عدة ناقشها المتكلمون ولم يحسموا فيها القول منذ عدة قرون . وهناك أيضا مسألة البعث : هل اذا متنا وکنا ترابا نبعث من جديد ؟! وتعرض للمساءلة $ ثم قضية الروح والجسد هذه الثنائية التي تحطمت على صخرتها عشرات المذاهب التفسيرية دون أن تجد لها حلا يقنع العقل به .
ان الله الخير الذي يدعونا الدين إلى الايمان به ، لا نستطيع أن نوفق بينه وبين الشر . أن الشر موجود بنفس القوة والفعالية التي للخير ، فكيف يستقیم وجود الله الخير مع الشر ؟ واذا كان الله مصدر الخير فما هو مصدر الشر ؟ هل ننتهي هنا أيضا إلى التسليم بثنائية ؟ واذا كان الله مصدر الخير والشر فان هذه يطرح قضيتين أساسيتين ؟
- ۱۳ ۔
ا۔ مشكلة الحرية الانسانية اذ كيف أوفق بین حرتی کا نسان وبين هذا الاله الذي أخضر
ثم هل في هذه الحالة فعلي ينتسب الي ؟ اذا كان الخير والشر مصدرهما الله فانني في الحقيقة لست فاعلا لفعلي ، ويصبح الأمر كما وضحه « ماليبرانش » وكما قال به الكثيرون غيره من مفكري الاسلام والمسيحية واليهودية « ان الانسان لا يفعل وانما الله يفعل بواسطة الانسان ، ان ترید رفع يدك أو أن تخطو خطوة ، لست أنت الفاعل فالله هو الذي يحرك يدك وقدميك )) ، وفي هذه الحالة فان حرية الانسان تصبح لا معنى لها وفعله لا وجود له . وفي هذا المفهوم فان العقل يصبح مشلولا ، وتصبح الحقائق تأتي من خارج الإنسان ، والعقل انخلاق الحقائقه يصبح بين أمرين : اما ينمحي أمام « الدین » واما يرفض الدين ، ما يصنع حقائقه واما تصنع له وتفرض عليه !
. ولكن هذا الموقف العاجز لم يستمر طويلا ، اذ تحول العقل ، لكي يحافظ على ايجابيته ، إلى « التمرد»، غير أن هذا التمرد تجاوز حدوده حين في العقل كل ما لا يستطيع ادراکه ، وبما أن الله أساس الدين والله لا يمكن ادراکه ، فان العقل عمد إلى نفي الله ودحض الادلة المتقدم بها « المؤمنون » على وجود الله ، حيث اعتقد العقلانيون أن هذه الادلة نفسها تناقض العقل بالرغم من أنه أريد بها اقناع العقل : فالدليل الغالي يعني أن كل ما في الوجود يهدف الى غاية ، اذن هذه الغاية سابقة ، وهذا ما ينفي حرية الانسان وفعله ، الدليل الوجودي ، دليل الفعل والفاعل كلها تهاوت أمام نقد العقل وهكذا استطاع برتراند راسل أن يدحض الأدلة التي وضعها المؤمنون واحدا تلو الآخر(1). كما استطاع انبارون
(۱) برتراند راسل : محاضرة « لماذا لست مسيحيا » 6 مارس ۱۹۲۷ ۰
- ۱۶ -
Downloads

Downloads
Published
How to Cite
Issue
Section
License
Copyright (c) 2022 Journal of the Faculty of Arts

This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.